كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 4)

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عيينة حدثنا زيد ابن أَسْلَمَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ تَمَارَى ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْمُسَوَّرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فِي الْمُحْرِمِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ بِالْمَاءِ وَهُمَا بِالْعَرْجِ فَأَرْسَلُونِي إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَسْأَلُهُ قَالَ فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ يَغْتَسِلُ بَيْنَ قَرْنَيِ الْبِئْرِ فَسَلَّمَتْ عَلَيْهِ فَرَفَعَ رَأَسَهُ وَضَمَّ ثَوْبَهُ إِلَى صَدْرِهِ حَتَّى إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى صَدْرِهِ فَقُلْتُ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ ابْنُ أَخِيكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَسْأَلُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ قَالَ فَغَرَفَ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ وَأَمَرَّ عَلَى رَأْسِهِ فَأَقْبَلَ بِهِ وَأَدْبَرَ وَقَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل فقال المسور والله لا ما ريتك أَبَدًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الصَّحَابَةَ إِذَا اخْتَلَفُوا لَمْ تَكُنِ الْحُجَّةُ فِي قَوْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَّا بِدَلِيلٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ مِنَ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ أَلَا تَرَى أن ابن عباس والمسور بن مخرمة وَهُمَا مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ وَإِنْ كَانَا مِنْ أَصْغَرِهِمْ سِنًّا اخْتَلَفَا فَلَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا حُجَّةٌ عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى أَدْلَى ابْنُ عَبَّاسٍ بِالسُّنَّةِ فَفَلَجَ وَهَذَا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ هُوَ عَلَى مَا فَسَّرَهُ الْمُزَنِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ أَنَّ ذَلِكَ فِي النَّقْلِ لِأَنَّ جَمِيعَهُمْ ثِقَاتٌ مَأْمُونُونَ عَدْلٌ رِضًى فَوَاجِبٌ قَبُولُ مَا نَقَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَشَهِدَ بِهِ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الصفحة 263