كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 4)

وَتَصَدَّقَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِحَبَّتَيْنِ مِنْ عِنَبٍ فَنَظَرَ إِلَيْهَا بَعْضُ أَهْلِ بَيْتِهَا فَقَالَتْ لَا تَعْجَبُنَّ فَكَمْ فِيهَا مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ وَلَوْ بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ وَإِذَا كَانَ اللَّهُ يربي الصدقات ويأخذ الصدقة بيمينه فيربها كَمَا يُرَبِّي أَحَدُنَا فُلَوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ فَمَا بَالُ مَنْ عَرَفَ هَذَا يَغْفُلُ عَنْهُ وَمَا التَّوْفِيقُ إِلَّا بِاللَّهِ وَفِي سَمَاعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ بُجَيْدٍ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ الْمَقْبُرِيِّ وَغَيْرِهِ قَوْلُ جَدَّةِ ابْنِ بُجَيْدٍ لَهُ إِنَّ الْمِسْكِينَ لَيَقِفُ عَلَى بَابِي وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالطَّوَّافِ عَلَيْكُمْ لَمْ يُرِدْ بِهِ (اسْمَ) الْمَسْكَنَةِ وَلَكِنَّهُ أَرَادَ مَعْنًى مِنْهَا لَيْسَ مَوْجُودًا فِي الطَّوَّافِ عَلَى الْأَبْوَابِ وَهُوَ الصَّبْرُ عَلَى اللَّأْوَاءِ وَالْفَقْرِ مَعَ تَرْكِ السُّؤَالِ وَكِلَاهُمَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ مِسْكِينٍ بِظَاهِرِ الْحَدِيثَيْنِ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَيْسَ الْمِسْكِينُ عَلَى تَمَامِ الْمَسْكَنَةِ وَعَلَى الْحَقِيقَةِ إِلَّا الَّذِي لَا يَسْأَلُ النَّاسَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الصفحة 302