كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 5)
وَهَذَا عِنْدِي أَصْلٌ فِي إِبَاحَةِ التَّزَيُّنِ وَالتَّنَظُّفِ كُلِّهِ مَا لَمْ يَتَشَبَّهِ الرَّجُلُ فِي ذَلِكَ بِالنِّسَاءِ وَإِنَّمَا اسْتَثْنَيْتُ ذَلِكَ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَهَذَا عَلَى الْعُمُومِ إِلَّا أَنْ يَخُصَّهُ عَنْهُ شَيْءٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالتَّزَيُّنُ وَالتَّنَظُّفُ مُبَاحٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ مَا لَمْ يَكُنْ إِسْرَافًا وَتَنَعُّمًا وَتَشَبُّهًا بِالْجَبَّارِينَ يَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَذَاذَةُ مِنَ الْإِيمَانِ وَقَدْ جَاءَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ التَّرَجُّلِ إِلَّا غِبًّا مِنْ حَدِيثِ الْبَصْرِيِّينَ وَمَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى مَا ذَكَرْتُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ كَأَنَّهُ شَيْطَانٌ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ لِأَنَّهَا كَانَتْ تُشَبِّهُ مَا اسْتَقْبَحَتْ بِالشَّيْطَانِ وَإِنْ كَانَ لَا يُرَى لِمَا أَوْقَعَ اللَّهُ فِي نُفُوسِهِمْ مِنْ كَرَاهِيَةِ
الصفحة 51