كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 5)

الْحَدِيثِ وَضَمَانِ الْجَنَّةِ لِمَنْ وُقِيَ شَرَّهُمَا وَهَذَا التَّأْوِيلُ عَلَى نَحْوِ قَوْلِ عَمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ وَمَنْ ضَيَّعَهَا كَانَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ وَمَنْ حَفِظَهَا حَفِظَ دِينَهُ فَكَانَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ اتَّقَى الْغِيبَةَ وَقَوْلَ الزُّورِ وَاتَّقَى الزِّنَا مَعَ غَلَبَةِ شَهْوَةِ النِّسَاءِ عَلَى الْقُلُوبِ كَانَ لِلْقَتْلِ أَهْيَبَ وَأَشَدَّ تَوَقِّيًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِطَابًا لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمُ اتَّقَى عَلَيْهِمْ مِنَ اللِّسَانِ وَالْفَرْجِ مَا لَمْ يَتَّقِ عَلَيْهِمْ مِنْ سَائِرِ الْجَوَارِحِ وَيَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ ذَلِكَ مَعَهُ كلام لم يسمعه النَّاقِلِ كَأَنَّهُ قَالَ مَنْ عَافَاهُ اللَّهُ وَوَقَاهُ كَذَا وَكَذَا وَشَرَّ مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَلَجَ الْجَنَّةَ فَسَمِعَ النَّاقِلُ بَعْضَ الْحَدِيثِ وَلَمْ يَسْمَعْ بَعْضًا فَنَقَلَ مَا سَمِعَ وَإِنَّمَا حَمَلَنَا عَلَى تَخْرِيجِ هَذِهِ الْوُجُوهِ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ أَنَّ مَنْ أَحْصَنَ فَرْجَهُ عَنِ الزِّنَا وَمَنَعَ لِسَانَهُ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَلَمْ يَتَّقِ

الصفحة 68