كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 6)
وروى مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ قَالُوا بَلَى قَالَ صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ وَإِيَّاكُمْ وَالْبِغْضَةَ فَإِنَّهَا (هِيَ) الْحَالِقَةُ وَكَذَلِكَ لَا يَحِلُّ التَّدَابُرُ وَالتَّدَابُرُ الْإِعْرَاضُ وَتَرْكُ الْكَلَامِ وَالسَّلَامِ (وَنَحْوُ هَذَا) وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْإِعْرَاضِ تَدَابُرٌ لِأَنَّ مَنْ أَبْغَضْتَهُ أَعْرَضْتَ عَنْهُ وَمَنْ أَعْرَضْتَ عَنْهُ وَلَّيْتَهُ دُبُرَكَ وَكَذَلِكَ يَصْنَعُ هُوَ بِكَ وَمَنْ أَحْبَبْتَهُ أَقْبَلْتَ عَلَيْهِ وَوَاجَهْتَهُ لِتَسُرَّهُ وَيَسُرَّكَ فَمَعْنَى تَدَابَرُوا وَتَقَاطَعُوا وتباغضوا معنى متداخل متقارب كالمعنىالواحد فِي النَّدْبِ إِلَى التَّوَاخِي وَالتَّحَابِّ فَبِذَلِكَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ وَأَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْوُجُوبِ حَتَّى يَأْتِيَ دَلِيلٌ يُخْرِجُهُ إِلَى مَعْنَى النَّدْبِ وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ الْعُمُومَ فَهُوَ عِنْدِي مَخْصُوصٌ بِحَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ حَيْثُ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَهْجُرُوهُ وَلَا يُكَلِّمُوهُ هُوَ وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ وَمُرَارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ لِتَخَلُّفِهِمْ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَوْبَتَهُمْ
الصفحة 117