كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 6)
لَيْسَ بِمُعْتَدٍّ فِي حَبْسِهِ فَيُضَمَّنُ وَإِنَّمَا يُضَمَّنُ من تعدى والأمانة لا تضمن بِغَيْرِ التَّعَدِّي فَهُوَ عِنْدُ هَؤُلَاءِ كُلُّهُ أَمَانَةٌ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ مَا زَادَ عَلَى قيمته فأمانة وعند مالك ما لا يعاب عليه أمانة لا تضمن إِلَّا بِمَا تُضَمَّنُ بِهِ الْأَمَانَاتُ مِنَ التَّعَدِّي وَالتَّضْيِيعِ وَكَذَلِكَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ إِذَا ظَهَرَ هلاكل لم يجب على المرتهن ضمانه وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنَ الرُّهُونِ كَالْحَيَوَانِ وَشَبَهِهِ وَالْعَقَارِ وَمِثْلِهِ إِذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ هَلَاكَهُ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبُهُ قُبِلَ قَوْلُهُ وَإِذَا ادَّعَى هَلَاكَ مَا قَدْ غَابَ عَلَيْهِ عِنْدَ نَفْسِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِيهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَخَذَهُ وَثِيقَةً لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَأْخُذْهُ وَدِيعَةً لِيَحْفَظَهُ عَلَى رَبِّهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ضَيَاعِهِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَأَمْرٍ ظَاهِرٍ وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يُقَاصُّ بِهَا مِنْ دَيْنِهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فِي قِيمَتِهِ إِنْ نَزَلَ فِيهَا اخْتِلَافٌ بَيْنَهُمَا وَعَمِيَتْ وَيَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ فِي ذَلِكَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ غُنْمُهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَيْ لَهُ غَلَّتُهُ وَخَرَاجُ ظَهْرِهِ وَأُجْرَةُ عَمَلِهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ غُرْمُهُ أَيْ نَفَقَتُهُ لَيْسَ الْفِكَاكُ وَالْمُصِيبَةُ قَالُوا لِأَنَّ الْغُنْمَ إِذَا كَانَ الْخَرَاجَ وَالْغَلَّةَ كَانَ الْغُرْمُ مَا قابل ذلك من النقفة قَالُوا وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ غَيْرُ مُؤْتَمَنٍ وَلَا مُتَعَدٍّ فَيُضَمَّنُ مَا خَفِيَ هَلَاكُهُ مِنْ حَيْثُ ضَمِنَهُ الْمُسْتَعِيرُ سَوَاءً وَفِي مَعْنَى قَوْلِهِ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ قَوْلُهُ الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ أَيْ أُجْرَةُ ظَهْرِهِ لِرَبِّهِ وَكَسْبُهُ لَهُ وَلَا
الصفحة 439