كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 6)
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ الْيَهُودَ مِنْهَا وَكَانَتِ الْأَرْضُ حِينَ ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ وَأَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ مِنْهَا فَسَأَلَتِ الْيَهُودُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُقِرَّهُمْ بِهَا عَلَى أَنْ يَكْفُوهُ عَمَلَهَا وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُقِرُّكُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا فَقَرُّوا بِهَا حَتَّى أَجْلَاهُمْ عُمَرُ إِلَى تَيْمَاءَ وأريحا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَمِعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ يَقُولُ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنِّي (بِكَ) وَقَدْ وُضِعْتَ كَوَرِكٍ عَلَى بَعِيرِكَ ثُمَّ سِرْتَ لَيْلَةً بَعْدَ لَيْلَةٍ فَقَالَ عُمَرُ إِنَّهُ وَاللَّهِ لَا تُمْسُونَ بِهَا فَقَالَ الْيَهُودِيُّ مَا رَأَيْتُ كَلِمَةً كَانَتْ أَشَدَّ عَلَى مَنْ قَالَهَا وَلَا أَهْوَنَ عَلَى مَنْ قِيلَتْ لَهُ (مِنْهَا) قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ إِلَى أَجَلٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ وَمُدَّةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ لِأَنَّ السُّنَّةَ قَدْ أَحْكَمَتْ مَعَانِيَ الْإِجَارَاتِ وَسَائِرَ الْمُعَامَلَاتِ مِنَ الشَّرِكَةِ وَالْقِسْمَةِ وأنواع أبواب الربا والعلة بينه فِي قِصَّةِ الْيَهُودِ وَذَلِكَ انْتِظَارُ حُكْمِ اللَّهِ فِيهِمْ فَدَلَّ عَلَى خُصُوصِهِمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ خُصُوصٍ لَا سَبِيلَ إِلَى أَنْ يُشْرِكَهُمْ فِيهِ غَيْرُهُمْ وَالَّذِي عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ بِالْمَدِينَةِ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ لَا تَجُوزُ إِلَّا إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَسِنِينَ مَعْدُودَةٍ إِلَّا أَنَّهُمْ يَكْرَهُونَهَا فِيمَا طَالَ مِنَ السِّنِينَ مِثْلَ الْعَشْرِ فَمَا فَوْقَهَا وَقَدْ قِيلَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم
الصفحة 464