كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 6)

فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مُرَاعَاةِ الْإِتْيَانِ بِأَلْفَاظِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رُتْبَتِهَا وَأَظُنُّ هَذَا مِنْ وَرَعِ ابْنِ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالَّذِي عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ اسْتِجَازَةُ الْإِتْيَانِ بِالْمَعَانِي دُونَ الْأَلْفَاظِ لِمَنْ يَعْرِفُ الْمَعْنَى رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ (مِنْهُمْ) مَنْصُوصًا وَمَنْ تَأَمَّلَ حَدِيثَ ابْنِ شِهَابٍ وَمِثْلَهُ وَاخْتِلَافَ أَصْحَابِهِمْ عَلَيْهِمْ فِي مُتُونِ الْأَحَادِيثِ بَانَ لَهُ مَا قُلْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَدَلُّ الدَّلَائِلِ وَأَوْضَحُهَا عَلَى أَنَّ الشَّرَّ وَالْخَيْرَ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وهو خالفهما لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ لِأَنَّ الْعَجْزَ شَرٌّ وَلَوْ كَانَ خَيْرًا مَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ اسْتَعَاذَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْعَجْزِ والجبن والدين وَمُحَالٌ أَنْ يَسْتَعِيذَ مِنَ الْخَيْرِ وَفِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ كِفَايَةٌ لِمَنْ وُفِّقَ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي من يشاء

الصفحة 63