كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 7)

الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبرهيم عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ أَبَاهُ نَحَلَهُ نِحْلَةً فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُشْهِدَهُ فَقَالَ أَكُلَّ بَنِيكَ أَعْطَيْتَ مِثْلَ هَذَا قَالَ لَا فَأَبَى أَنْ يَشْهَدَ لَهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ جَوَازُ الْعَطِيَّةِ مِنَ الْآبَاءِ لِلْأَبْنَاءِ (وَهَذَا فِي صِحَّةِ الْآبَاءِ) لِأَنَّ فِعْلَ الْمَرِيضِ فِي مَالِهِ وَصِيَّةٌ وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ بَاطِلَةٌ وَهَذَا أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ يُسْتَغْنَى عَنِ الْقَوْلِ فِيهِ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ وَفِيهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأَبْنَاءِ فِي الْعَطَاءِ لِقَوْلِهِ أَكُلَّ وَلَدِكَ أَعْطَيْتَ مِثْلَ هَذَا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْمَعْنَى هَلْ هُوَ عَلَى الْإِيجَابِ أَوْ عَلَى النَّدْبِ فأما ملك والليث وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَأَجَازُوا أَنْ يَخُصَّ بَعْضَ وَلَدِهِ دُونَ بَعْضٍ بِالنِّحْلَةِ وَالْعَطِيَّةِ عَلَى كَرَاهِيَةٍ مِنْ بَعْضِهِمْ عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَقَاوِيلِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ وَالتَّسْوِيَةُ أَحَبُّ إلى جميعهم وكان ملك يَقُولُ إِنَّمَا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ فِيمَنْ نَحَلَ بَعْضَ وَلَدِهِ مَالَهُ كُلَّهُ قَالَ وَقَدْ نَحَلَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَائِشَةَ دُونَ سَائِرِ وَلَدِهِ حَكَى ذَلِكَ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (وَأَشْهَبُ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تَرْكُ التَّفْضِيلِ فِي عَطِيَّةِ الْأَبْنَاءِ فِيهِ حُسْنُ الْأَدَبِ ويجوز له

الصفحة 225