كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 7)
الْقَبْضُ عِنْدَهُمْ أَنْ يُقْبَضَ مَفْرُوزًا مَقْسُومًا وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا يَنْقَسِمُ فَلَمْ يُقَسَّمْ وَمَا لَمْ يَكُنْ قَبْضٌ فَهِيَ عِنْدُهُمْ عِدَةٌ لَا تَلْزَمُ الواهب وأما ملك فَإِنَّهُ يُجِيزُ هِبَةَ الْمَشَاعِ إِذَا قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ جَمِيعَ الشَّيْءِ الْمَشَاعِ وَبَانَ بِهِ وَتَصِحُّ الهبة عنده بالقول وَتَتِمُّ بِالْقَبْضِ وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْوَاهِبَ بِهَا وَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يَقُومُوا فِي ذَلِكَ مَقَامَهُ بعده فإن مات الواهب قبل قبض الهبة فهي باطلة حنيئذ لِأَنَّهُمْ أَنْزَلُوهَا حِينَ وَهَبَ وَلَمْ يُسَلِّمْ مَا وَهَبَ حَتَّى مَاتَ عَلَى أَنَّ الْهِبَةَ لَمْ تَكُنْ فِي الْبَاطِنِ صَحِيحَةً وَإِنَّمَا هُوَ كَلَامٌ تَكَلَّمَ بِهِ الْوَاهِبُ لِتَكُونَ الْهِبَةُ بِيَدِهِ كَمَا كَانَتْ حَتَّى إِذَا مَاتَ خَرَجَتْ عَنْ وَرَثَتِهِ فَالْهِبَةُ عَلَى هَذَا بَاطِلٌ وَهُوَ مَعْنَى حَدِيثِ عمر عندهم الذي رواه ملك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ مَا بَالُ رِجَالٍ يَنْحَلُونَ أَبْنَاءَهُمْ نُحْلًا ثُمَّ يُمْسِكُونَهَا فَإِنْ مَاتَ ابْنُ أَحَدِهِمْ قَالَ مَالِي بِيَدِي لَمْ أُعْطِهِ أَحَدًا وَإِنْ مَاتَ هُوَ قَالَ هُوَ لِابْنِي قَدْ كُنْتُ أُعْطَيْتُهُ إِيَّاهُ مَنْ نَحَلَ نِحْلَةً فَلَمْ يَحُزْهَا الَّذِي نُحِلَهَا حَتَّى يَكُونَ إِنْ مَاتَ لِوَرَثَتِهِ فَهِيَ بَاطِلٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَيْسَ لأحد أن يرجع في هبته إلا الوالد فِيمَا وَهَبَ لِبَنِيهِ وَلَيْسَ فِي الصَّدَقَةِ رُجُوعٌ لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهِبَةُ الْمَشَاعِ عِنْدَهُ جَائِزَةٌ وَالْقَبْضُ فِيهَا كَالْقَبْضِ فِي الْبُيُوعِ وَالْهِبَةُ لِلثَّوَابِ عِنْدَهُ بَاطِلٌ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ عَلَى مَجْهُولٍ وَذَلِكَ بَيْعٌ لَا يَجُوزُ وَلَا مَعْنَى عِنْدَهُ لِلْهِبَةِ عَلَى الثَّوَابِ وَهِيَ مَرْدُودَةٌ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ وَحُجَّتُهُ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ تَخْصِيصِ الْوَلَدِ بِالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ حَدِيثُ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ جَمِيعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ
الصفحة 238