كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 7)

لَمَا رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هِبَتِهِ وَلَا هَدِيَّتِهِ وَكَيْفَ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ الْقَائِلُ لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ وَجَاءَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ وَعَائِشَةَ مثل هذا المعنى من حديث ملك وَغَيْرِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ عُمَرَ مِثْلُهُ أَيْضًا وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْهِبَاتِ لَا تَتِمُّ إِلَّا بِالْقَبْضِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى ثُبُوتِ مِلْكِ الْوَاهِبِ (وَاخْتَلَفُوا فِي (45) زَوَالِهِ مِنْ جِهَةِ الْهِبَةِ بِالْقَوْلِ وَحْدَهُ فَهُوَ عَلَى أَصْلِ مِلْكِ الْوَاهِبِ) حَتَّى يُجْمِعُوا وَلَمْ يُجْمِعُوا إِلَّا مَعَ الْقَبْضِ وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ إِلَّا مَعْلُومَةً وَإِنْ كَانَتْ مُشَاعَةً فَيَكُونُ الْجُزْءُ مَعْلُومًا وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ قَالَ وَإِنَّمَا بَطَلَتْ عَطِيَّةُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِعَائِشَةَ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً وَلَا سَهْمًا مِنْ سِهَامٍ مَعْلُومَةٍ قَالَ وَكُلُّ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ عَلَى هَذَا فَغَيْرُ جَائِزَةٍ فَهَذَا كُلُّهُ فِي مَعْنَى حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ صَحِيحًا وَالنَّاسُ عَلَى الصِّحَّةِ حَتَّى يَثْبُتَ المرض الطارىء وللقول في هبات المريض موضع غير هَذَا مِنْ كِتَابِنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا

الصفحة 244