كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 8)
الثُّلُثُ كَثِيرٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ الْغَايَةُ الَّتِي إِلَيْهَا تَنْتَهِي الْوَصِيَّةُ وَإِنَّ ذَلِكَ كَثِيرٌ فِي الْوَصِيَّةِ وَأَنَّ التَّقْصِيرَ عَنْهُ أَفْضَلُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَقِبِ قَوْلِهِ الثُّلُثُ كَثِيرٌ وَلَأَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فَاسْتَحَبَّ لَهُ الْإِبْقَاءَ لِوَرَثَتِهِ وَكَرِهَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْوَصِيَّةَ بِجَمِيعِ الثُّلُثِ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ إِذَا كَانَ وَرَثَتُهُ قَلِيلًا وَمَالُهُ كَثِيرًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبْلُغَ الثُّلُثَ فِي وَصِيَّتِهِ وَاسْتَحَبَّ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ الْوَصِيَّةَ بِالرُّبُعِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ السُّنَّةُ فِي الْوَصِيَّةِ الرُّبُعُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثُّلُثُ كَثِيرٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ يُعْرَفُ فِي مَالِهِ شُبُهَاتٌ فَيَجُوزُ لَهُ الثُّلُثُ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ - قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ لِإِسْحَاقَ حُجَّةً فِي قَوْلِهِ السُّنَّةُ فِي الْوَصِيَّةِ الرُّبْعُ وَهَذَا الَّذِي نَزَعَ بِهِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي تَسْمِيَةِ ذَلِكَ سُنَّةً وَقَدْ رُوِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ كَانَ يُفَضِّلُ الْوَصِيَّةَ بِالْخُمُسِ وَبِذَلِكَ أَوْصَى وَقَالَ رَضِيتُ لِنَفْسِي مَا رِضَى اللَّهُ لِنَفْسِهِ (كَأَنَّهُ) يَعْنِي خُمُسَ الغنائم واستحب جماعة الوصية بالثلث وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثٍ ضَعِيفٍ
الصفحة 382