كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 9)

بِالنَّاسِ وَنَحْنُ عَلَى أَتَانٍ لَنَا فَمَرَرْنَا بِبَعْضِ الصَّفِّ فَنَزَلْنَا عَنْهَا وَتَرَكْنَاهَا تَرْتَعُ فَلَمْ يَقُلْ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي إِذَا كَانَ وَرَاءَ الْإِمَامِ لَا يَضُرُّ الْمُصَلِّيَ وَلَا حَرَجَ فِيهِ عَلَى المار أَيْضًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مِنْ حُكْمِ السُّتْرَةِ وَحُكْمِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي وَأَنَّ الصَّلَاةَ لَا يَقْطَعُهَا شَيْءٌ وَمَضَى هُنَاكَ مِنَ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ مَا فِيهِ غِنًى وَكِفَايَةٌ فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ هَاهُنَا وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ فَلَا حَرَجَ عَلَى مَنْ مَرَّ وَرَاءَهُ بَيْنَ أَيْدِي الصُّفُوفِ وَقَدِ اسْتَدَلَّ قَوْمٌ بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحِمَارَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ مُرُورُهُ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي وَرَدُّوا بِهِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْحِمَارَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَانْفَصَلَ مِنْهُمْ مُخَالِفُهُمْ بِأَنَّ مُرُورَ الْأَتَانِ كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ بَيْنَ يَدَيِ الصَّفِّ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ هَذِهِ وَمَا كَانَ مِثْلَهَا وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا بِلَفْظٍ هُوَ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ الْحِمَارُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ أَخْبَرَنَا إبراهيم بن شاكر حدثنا محمد ابن أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ

الصفحة 20