كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 9)

اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْإِيمَانُ سِتُّونَ أَوْ بِضْعَةٌ أَوْ أَحَدُ الْعَدَدَيْنِ بَابًا أَعْلَاهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ وَلَمَّا كَانَ مَنْ لَا يَسْتَحِي رَاكِبًا الْفَوَاحِشَ مُرْتَكِبًا لِلْقَبِيحِ لَا يَحْجِزُهُ عَنْ ذَلِكَ حَيَاءٌ وَلَا دِينٌ كَمَا قَالَ فِي النُّبُوَّةِ الْأُولَى مَكْتُوبٌ إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ قِلَّةُ الْحَيَاءِ كُفْرٌ وَبَعْضُهُمْ يَرْفَعُهُ عَنْهُ وَهَذَا صَحِيحُ الْمَعْنَى عَلَى الضِّدِّ لِأَنَّ مَنْ لَا يَسْتَحْيِ لَا يُبَالِي مِنَ الْعَارِ وَالْمَعَاصِي مَا يَأْتِي كَانَ الْمُسْتَحِي مِنْ أَجْلِ حَيَائِهِ مُرْتَدِعًا عَنِ الْفَوَاحِشِ وَالْعَارِ وَالْكَبَائِرِ فَصَارَ الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ لِأَنَّ الْإِيمَانَ عِنْدَنَا مَعَ التَّصْدِيقِ الطَّاعَاتُ وَأَعْمَالُ الْبِرِّ وَلِذَلِكَ صَارَ الْخُلُقُ الْحَسَنُ مِنْ كَمَالِ الْإِيمَانِ وَتَمَامِهِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى لِأَنَّ صَاحِبَهُ يَصْبِرُ فَلَا يَشْفِي غَيْظَهُ بِمَا يُسْخِطُ رَبَّهُ وَيَحْلُمُ فَلَا يُفْحِشُ وَلَا يَنْتَصِرُ بِلِسَانٍ وَلَا يَدٍ وَنَحْوِ هَذَا مِمَّا لَا يَخْرُجُ عَنْ مَعْنَى مَا وَصَفْنَا

الصفحة 236