كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 9)

مِنْهُمْ مَنْ جِهَةِ الْأَثَرِ وَلَا مَدْخَلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلنَّظَرِ وَإِنَّمَا فِيهَا الِاتِّبَاعُ وَاخْتَلَفُوا فيمن صلى الصلاتي الْمَذْكُورَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا يُصَلِّيهِمَا أَحَدٌ قَبْلَ جَمْعٍ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ فَإِنْ صَلَّاهُمَا مِنْ عُذْرٍ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا يُصَلِّيهِمَا حَتَّى يَأْتِيَ جَمْعًا وَلَهُ السَّعَةُ فِي ذَلِكَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ فَإِنْ صَلَّاهُمَا دُونَ جَمْعٍ أَعَادَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ صَلَّاهُمَا قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْمُزْدَلِفَةَ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَسَوَاءٌ صَلَّاهُمَا قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهُمَا إِذَا أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ وَاخْتُلِفَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَرُوِيَ عَنْهُمَا مِثْلُ ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنْهُمَا إِنْ صَلَّاهُمَا بِعَرَفَاتٍ أَجْزَأَهُ وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَهُمَا قَبْلَ جَمْعٍ فَإِنْ فَعَلَ أَجْزَأَهُ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ وَعُرْوَةَ وَسَالِمٍ وَالْقَاسِمِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِجَمْعٍ وَمِنَ الْحُجَّةِ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ وَصَلَاهُمَا جَمِيعًا بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ بِجَمْعٍ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا إِلَّا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَذَلِكَ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

الصفحة 270