كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 9)

قَالَ أَبُو عُمَرَ وَنَقُولُ فِي مَعْنَى حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ بِمَا نَرَاهُ يُوَافِقُ الصَّوَابَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا طِيَرَةَ نَفْيٌ عَنِ التَّشَاؤُمِ وَالتَّطَيُّرِ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ وَهَذَا الْقَوْلُ أَشْبَهُ بِأُصُولِ شَرِيعَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ الشُّؤْمِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ قَدْ رَوَى زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ حُمَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا طِيَرَةَ وَالطِّيَرَةُ عَلَى مَنْ تَطَيَّرَ وَإِنْ تَكُنْ فِي شَيْءٍ فَفِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالْفَرَسِ وَقَالَ هَذَا يُوجِبُ أَنْ تَكُونَ الطِّيَرَةُ فِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ لِمَنْ تَطَيَّرَ قِيلَ لَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقِ لَوْ كَانَ كَمَا ظَنَنْتَ لَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ يَنْفِي بَعْضُهُ بَعْضًا لَأَنَّ قَوْلَهُ لَا طِيَرَةَ نَفْيٌ لَهَا وَقَوْلَهُ وَالطِّيَرَةُ عَلَى مَنْ تَطَيَّرَ إِيجَابٌ لَهَا وَهَذَا مُحَالٌ أَنْ يُظَنُّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ هَذَا مِنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ وَوَقْتٍ وَاحِدٍ وَلَكِنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ نَفْيُ الطِّيَرَةِ بِقَوْلِهِ لَا طِيَرَةَ وَأَمَّا قَوْلُهُ الطِّيَرَةُ عَلَى مَنْ تَطَيَّرَ فَمَعْنَاهُ إِثْمُ الطِّيَرَةُ عَلَى مَنْ تَطَيَّرَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطِّيَرَةِ

الصفحة 284