كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 9)
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ جَزَّ الصُّوفِ عَنِ الشَّاةِ وَهِيَ حَيَّةٌ حَلَالٌ وَفِي هَذَا بَيَانُ مَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ فَإِنَّ مَعْنَاهُ حَتَّى يُدْبَغَ بِدَلِيلِ أَحَادِيثِ الدِّبَاغِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هذا في باب زيد ابن أَسْلَمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَمَنْ أَجَازَ عَظْمَ الْمَيْتَةِ كَالْعَاجِ وَشِبْهِهِ فِي الْأَمْشَاطِ وَغَيْرِهَا زَعَمَ أَنَّ الْمَيْتَةَ مَا جَرَى فِيهِ الدَّمُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْعَظْمُ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا وَلَيْسَ الْعَظْمُ مِمَّا يُؤْكَلُ قَالُوا فَكُلُّ مَا لَا يُؤْكَلُ مِنَ الْمَيْتَةِ جَائِزٌ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِقَوْلِهِ إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي أَمْشَاطِ الْعَاجِ وَمَا يُصْنَعُ مِنْ أَنْيَابِ الْفِيَلَةِ وَعِظَامِ الْمَيْتَةِ ابْنُ سِيرِينَ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ قَالُوا تُغْسَلُ وَيُنْتَفَعُ بِهَا وَتُبَاعُ وَتُشْتَرَى وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ تُغْلَى بِالْمَاءِ وَالنَّارِ حَتَّى يَذْهَبَ مَا فِيهَا مِنَ الدَّسَمِ وَمِمَّنْ كَرِهَ الْعَاجَ وَسَائِرَ عِظَامِ الْمَيْتَةِ وَلَمْ يُرَخِّصْ فِي بَيْعِهَا وَلَا الِانْتِفَاعِ بِهَا عَطَاءٌ وطاوس وعمر بن عبد العزيز ومالك ابن أَنَسٍ وَالشَّافِعِيُّ وَاخْتُلِفَ فِيهَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ
الصفحة 52