كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 10)
وَاخْتَلَفَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي الزنديق فقالا مرة يستتاب ومرة فَلَا يُسْتَتَابُ وَيُقْتَلُ دُونَ اسْتِتَابَةٍ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ (عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ) عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ اقْتُلِ الزِّنْدِيقَ فَإِنَّ تَوْبَتَهُ لَا تُعْرَفُ قَالَ وَلَمْ يَحْكِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ) يستتاب الزنديق كما يستتاب المترد ظاهرا فإن لم يتب قتل قال ولوشهد شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالرِّدَّةِ فَأَنْكَرَ قُتِلَ فَإِنْ أَقَرَّ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَتَبَرَّأَ مِنْ كُلِّ دِينٍ خَالَفَ الْإِسْلَامَ لَمْ يُكْشَفْ عَنْ غَيْرِهِ وَمِنْ حُجَّةِ الشَّافِعِيِّ فِي الزِّنْدِيقِ أَنَّهُ يُسْتَتَابُ فَإِنْ أَقَرَّ وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ لَمْ يُقْتَلْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْتُلِ الْمُنَافِقِينَ لِإِظْهَارِهِمُ الْإِسْلَامَ وَلَوْ شَاءَ لَقَتَلَهُمْ بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِمْ دُونَ الْعِلْمِ وَالْقَضَاءُ بِالْعِلْمِ لِلْحَاكِمِ (عِنْدَ الشَّافِعِيِّ) جَائِزٌ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهَا وَإِنَّمَا أَتَيْنَا بِمَا يُطَابِقُ بَعْضَ مَعَانِي الْحَدِيثِ وَيُجَانِسُهُ عَلَى شَرْطِ الِاخْتِصَارِ وَتَرْكِ الْإِكْثَارِ
الصفحة 156