كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 10)
فَأَمَّا قَوْلُهُ شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ فَلَمْ يُرِدْ ذَمَّ الطَّعَامِ فِي ذَاتِهِ وَحَالِهِ وَإِنَّمَا ذَمَّ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ الدُّعَاءُ لِلْأَغْنِيَاءِ إِلَيْهِ دُونَ الْفُقَرَاءِ فَإِلَى فَاعِلِ ذَلِكَ تَوَجَّهَ الذَّمُّ لَا إِلَى الطَّعَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي وُجُوبِ إِتْيَانِ الدَّعْوَةِ فِي بَابِ إِسْحَاقَ وَمَضَى هُنَاكَ مِنَ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَجِبُ إِتْيَانُهُ مِنَ الدَّعَوَاتِ إِلَى الطَّعَامِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ يَجِبُ إِجَابَةُ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ وَلَا يَجِبُ غَيْرُهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِجَابَةُ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ وَاجِبَةٌ وَلَا أُرَخِّصُ فِي تَرْكِ غَيْرِهَا مِنَ الدَّعَوَاتِ الَّتِي يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الْوَلِيمَةِ كَالْإِمْلَاكِ وَالنِّفَاسِ وَالْخِتَانِ وَحَادِثِ سُرُورٍ وَمَنْ تَرَكَهَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لِي أَنَّهُ عَاصٍ كَمَا تَبَيَّنَ فِي وَلِيمَةِ العرس وقال عبيد الله بن الحسن العنبري الْقَاضِي الْبَصْرِيُّ إِجَابَةُ كُلِّ دَعْوَةٍ اتَّخَذَهَا صَاحِبُهَا لِلْمَدْعُوِّ فِيهَا طَعَامًا وَاجِبَةٌ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ لَمْ نَجِدْ عَنْ أَصْحَابِنَا يَعْنِي أَبَا حَنَفِيَّةَ وَأَصْحَابَهُ فِي ذَلِكَ شَيْئًا إِلَّا فِي إِجَابَةِ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ خَاصَّةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ الْوَلِيمَةُ طَعَامُ الْعُرْسِ وَقَدْ أَوْلَمَ أَيْ أَطْعَمَ وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ دُعِيَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِي إِلَى خِتَانٍ فَأَبَى أَنْ يُجِيبَ قَالَ وَقَدْ كُنَّا على
الصفحة 178