كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 11)

(وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَدَبُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْكُلَ بِشِمَالِهِ وَلَا أَنْ يَشْرَبَ بِشِمَالِهِ) لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ وَفِي أَمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْأَكْلِ بِالْيَمِينِ وَالشُّرْبِ بِهَا نَهْيٌ عَنِ الْأَكْلِ بِالشِّمَالِ وَالشُّرْبِ بِهَا لِأَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي النَّهْيَ عَنْ جَمِيعِ أَضْدَادِهِ فَمَنْ أَكَلَ بِشِمَالِهِ أَوْ شَرِبَ بِشِمَالِهِ وَهُوَ بِالنَّهْيِ عَالِمٌ فَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ طَعَامُهُ ذَلِكَ وَلَا شَرَابُهُ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ نَهْيُ أَدَبٍ لَا نَهْيُ تَحْرِيمٍ وَالْأَصْلُ فِي النَّهْيِ أَنَّ مَا كَانَ لِي مِلْكًا فَنُهِيتُ عَنْهُ فَإِنَّمَا النَّهْيُ عَنْهُ تَأَدُّبٌ وَنَدْبٌ إِلَى الْفَضْلِ وَالْبِرِّ وَإِرْشَادٌ إِلَى مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْفَضْلُ فِي الدِّينِ وَمَا كَانَ لِغَيْرِي فَنُهِيتُ عَنْهُ فَالنَّهْيُ عَنْهُ نَهْيُ تَحْرِيمٍ وَتَحْظِيرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ جَاءَتِ السُّنَّةُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهَا أَنَّ الْيَمِينَ لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالشِّمَالَ لِلِاسْتِنْجَاءِ وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسْتَنْجَى بِالْيَمِينِ كَمَا نَهَى أَنْ يُؤْكَلَ أَوْ يُشْرَبَ بِالشِّمَالِ وَمَا عَدَى الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَالِاسْتِنْجَاءَ فَبِأَيِّ يَدَيْهِ فَعَلَ الْإِنْسَانُ ذَلِكَ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّ التَّيَامُنَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّهُ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُحِبَّ ذَلِكَ وَيَرْغَبَ فِيهِ فَفِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأُسْوَةُ الْحَسَنَةُ عَلَى كُلِّ حال

الصفحة 113