كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 11)

وقد اتفق مالك والشافعي وأبو حنيفة والليث عَلَى خِلَافِ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا في وقت دخول المعتكف لمسجد لَيْلًا فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ إِذَا وَجَبَ عَلَى نَفْسِهِ اعْتِكَافُ شَهْرٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ لَيْلَةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ يَوْمٍ دَخَلَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَخَرَجَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ خِلَافَ قَوْلِهِ فِي الشَّهْرِ وَقَالَ زفر بن الهذيل والليث بْنِ سَعْدٍ يَدْخُلُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَالشَّهْرُ وَالْيَوْمُ سَوَاءٌ عِنْدَهُمْ لَا يَدْخُلُ إِلَّا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ أَبُو عُمَرَ اللَّيَالِي تَبَعٌ لِلْأَيَّامِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ بِظَاهِرِ حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا قَالَ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ الصُّبْحَ ثُمَّ يَقُومُ إِلَى مُعْتَكَفِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مُوَطَّئِهِ فِي حَدِيثِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ وَمَا أَظُنُّهُ تَرَكَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ رَأَى النَّاسَ عَلَى خِلَافِهِ وَأَجْمَعَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا نَذَرَتِ اعْتِكَافَ شَهْرٍ فَمَرِضَتْهُ أَنَّهَا لَا تَقْضِيهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَاخْتَلَفُوا إِذَا حَاضَتْهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَقْضِيهِ وَتَصِلُ قَضَاءَهَا بِمَا اعْتَكَفَتْ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلِ اسْتَأْنَفَتْ

الصفحة 198