كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 11)

قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالتَّسْلِيمَتَيْنِ فِي وُجُوبِهِمَا فَرْضًا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ كِلَا التَّسْلِيمَتَيْنِ سُنَّةٌ وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِالسَّلَامِ بَعْدَ أَنْ يَقْعُدَ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ قَالُوا وَإِنَّمَا السَّلَامُ إِعْلَامٌ بِانْقِضَاءِ الصَّلَاةِ وَتَمَامِهَا وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ السَّلَامَ إِذَا وُضِعَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ كَالْكَلَامِ فَكَذَلِكَ هُوَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْكُوفَةِ إِلَّا الْحَسَنَ بْنَ حَيٍّ فَإِنَّهُ أَوْجَبَ التَّسْلِيمَتَيْنِ جَمِيعًا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ ثُمَّ بَيَّنَ بِفِعْلِهِ كَيْفَ التَّسْلِيمُ وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ التَّسْلِيمَةُ الْأُولَى يَخْرُجُ بِهَا مِنْ صَلَاتِهِ وَاجِبَةٌ وَالْأُخْرَى سُنَّةٌ وَمِنْ حُجَّتِهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ والتَّسْلِيمَةُ الْوَاحِدَةُ يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ تَسْلِيمٍ وَهَذِهِ أَيْضًا حُجَّةُ مَنْ قَالَ بالتَّسْلِيمَةِ الْوَاحِدَةِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا كُنْتَ إِمَامًا فَسَلِّمْ عَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ يَسَارِكَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَإِنْ كُنْتَ غَيْرَ إِمَامٍ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ فَسَلِّمْ عَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ يَسَارِكَ تَنْوِي بِهِ الْمَلَائِكَةَ وَمَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ

الصفحة 208