كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 11)

وَفِي هَذَا كُلِّهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِصَاحِبِ السَّرِقَةِ فِي ذَلِكَ مَا لَيْسَ لِلسُّلْطَانِ وَذَلِكَ مَا لَمْ يَبْلُغِ السُّلْطَانَ فَإِذَا بَلَغَ السَّارِقُ إِلَى السُّلْطَانِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ حُكْمِهِ فِي عَفْوٍ وَلَا غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يُتْبِعُهُ بِمَا سَرَقَ مِنْهُ إِذَا وَهَبَهُ لَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ السَّارِقَ لَوْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ عِنْدَ الْإِمَامِ يَجِبُ فِي مِثْلِهَا الْقَطْعُ سَرَقَهَا مِنْ رَجُلٍ غَائِبٍ أَنَّهُ يُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ رَبُّ السَّرِقَةِ وَلَوْ كَانَ لِرَبِّ السَّرِقَةِ فِي ذَلِكَ مَقَالٌ لَمْ يُقْطَعْ حَتَّى يَحْضُرَ فَيَعْرِفَ مَا عِنْدَهُ فِيهِ وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي السَّارِقِ تُدَّعَى عَلَيْهِ السَّرِقَةُ فِي ثَوْبٍ هُوَ بِيَدِهِ يَدَّعِيهِ لِنَفْسِهِ وَصَاحِبُ السَّرِقَةِ غَائِبٌ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا لَا يُخَاصِمُهُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ إِلَّا رَبُّ الثَّوْبِ وَلَا يُسْمَعُ مِنْ غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ بَيِّنَةٌ وَلَا خُصُومَةَ فِي ذَلِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ يَدَّعِي عَلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ رَبُّ الثَّوْبِ أَوْ وَكِيلُهُ فِي ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَمَالِكٌ كُلُّ مَنْ خَاصَمَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ النَّاسِ كَانَ خَصْمًا لَهُ وَسُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ فَإِنْ قُبِلَتْ قُطِعَ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَدْفَعٍ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ كُلُّهَا فِي مَعْنَى الحديث فلذلك ذكرناها التوفيق

الصفحة 225