كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 11)
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ أُكَيْمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ إِذَا أَسَرَّ الْإِمَامُ فِي صَلَاتِهِ بِالْقِرَاءَةِ جَائِزَةٌ لِأَنَّ الْمُنَازَعَةَ فِي الْقُرْآنِ إِنَّمَا تَكُونُ مَعَ الْجَهْرِ لَا مَعَ السِّرِّ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا يُسِرُّ فِيهِ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ فَكَرِهَهَا الْكُوفِيُّونَ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَابْنُ شُبْرُمَةَ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَحُجَّتُهُمْ مَا ذَكَرْنَا وَقَالَ سَائِرُ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ والشافعي وأحمد واسحق وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُمْ يُقْرَأُ مَعَ الْإِمَامِ فِي كُلِّ مَا يُسِرُّ فِيهِ وَحُجَّتُهُمْ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي هَذَا الْبَابِ ثُمَّ اختلف هؤلاء في وجوب القراءة ههنا إِذَا أَسَرَّ الْإِمَامُ فَذَهَبَ أَكْثَرُ أَصْحَابِ مَالِكٍ إِلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ عِنْدَهُمْ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا أَسَرَّ بِهِ الْإِمَامُ سُنَّةٌ وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ تَرَكَهَا إِلَّا أَنَّهُ قَدْ أَسَاءَ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ قَالَ الْقِرَاءَةُ فِيمَا أَسَرَّ فِيهِ الْإِمَامُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاةُ مَنْ تَرَكَهَا وَقَدْ أَسَاءَ ذَكَرَ ابْنُ خواز مَنْدَادَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ عِنْدَ أَصْحَابِ مَالِكٍ خَلَفَ الإمام فيما أسر فيه بالقراءة مستحبة غير وَاجِبَةٌ وَكَذَلِكَ قَالَ
الصفحة 53