كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 13)

وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ بَيْعُ شَيْءٍ لَهُ بَالٌ جُزَافًا نَحْوَ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَالْمَوَاشِي وَالْبَزِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ لِمَا لَهُ قَدْرٌ وَبَالٌ لِأَنَّ ذَلِكَ يَدْخُلُهُ الْخَطَرُ وَالْقِمَارُ وَهَذَا عِنْدَهُمْ خِلَافُ مَا يُعَدُّ وَيُكَالُ وَيُوزَنُ مِنَ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ تَحْوِيهِ الْعَيْنُ وَيَتَقَارَبُ فِيهِ النَّظَرُ بِالزِّيَادَةِ الْيَسِيرَةِ وَالنُّقْصَانِ الْيَسِيرِ وَكَانَ إسماعيل بن إسحاق يحتج لمالك فِي كَرَاهِيَتِهِ لِمَنْ عَلِمَ كَيْلَ طَعَامِهِ أَوْ وَزْنَهُ وَمِقْدَارَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُجَازَفَةً مِمَّنْ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ وَيَكْتُمُ عَلَيْهِ فِيهِ بِأَنْ قَالَ الْمُجَازَفَةُ مُفَاعَلَةٌ وَهِيَ مِنِ اثْنَيْنِ وَلَا تَكُونُ مِنْ وَاحِدٍ فَلَا يَصِحُّ حَتَّى يَسْتَوِيَ عِلْمُ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ فِيمَا يَبْتَاعُهُ مُجَازَفَةً وَهَذَا قَوْلٌ لَا يَلْزَمُ وَحَجَّةٌ تَحْتَاجُ إِلَى حُجَّةٍ تُعَضِّدُهَا وَلَيْسَ هَذَا سَبِيلُ الِاحْتِجَاجِ وَالَّذِي كَرِهَهُ لَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ عِنْدِهِ فِي بَابِ الْقِمَارِ وَالْمُخَاطَرَةِ وَالْغِشِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَى الْعَلَاءُ بْنُ عبد الرحمان عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ منا

الصفحة 345