كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 14)
الِافْتِرَاقِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ الَّذِي اجتمعا به افتراقا بِهِ نَفْسَهُ هَذَا عَيْنُ الْمُحَالِ وَالْفَاسِدُ مِنَ الْمَقَالِ وَأَمَّا قَوْلُهُمُ الْمُتَسَاوِمَانِ فِي مَعْنَى الْمُتَبَايِعَيْنِ فَلَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا تَكُونُ حِينَئِذٍ فِي الْكَلَامِ فَائِدَةٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُتَسَاوِمَيْنِ بِالْخِيَارِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَقَعِ الْإِيجَابُ بِالْبَيْعِ وَالْعَقْدِ وَالتَّرَاضِي فَكَيْفَ يَرِدُ الْخَبَرُ بِمَا لَا يُفِيدُ فَائِدَةً وَهَذَا مَا لَا يَظُنُّهُ ذُو لُبٍّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا اعْتِلَالُهُمْ بِتَسْمِيَةِ الْفَاعِلِ بِفِعْلِهِ الدَّائِمِ مَا دَامَ يَفْعَلُهُ كَالْمُصَلِّي وَالْآكِلِ وَشِبْهِ ذَلِكَ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِمْ أَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ إِلَّا فِي الْأَفْعَالِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِوَاحِدٍ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَمَّا الْأَفْعَالُ الَّتِي لَا تَتِمُّ إِلَّا مِنِ اثنين كالمبايعة والمقاتلة وَالْمُبَارَزَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتِمَّ الِاسْمُ إِلَّا وَهُوَ مَوْجُودٌ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَيَدْخُلُ عَلَيْهِمْ أَيْضًا أَنَّ السَّارِقَ وَالزَّانِيَ وَمَا أَشْبَهَهُمَا لَا يَقَعُ عَلَيْهِمَا الِاسْمُ إِلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْفِعْلِ الْمُوجِبِ لِلْحَدِّ وَمَا دَامَ الِاسْمُ مَوْجُودًا فَالْحَدُّ وَاجِبٌ إِنْ لَمْ يَقُمْ حَتَّى يُقَامَ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِاجْتِمَاعِ الْأَبْدَانِ تَأْثِيرٌ فِي الْبَيْعِ فَكَذَلِكَ الِافْتِرَاقُ بِالْأَبْدَانِ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْبَيْعِ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِمْ أَنَّ
الصفحة 19
468