كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 14)
قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّحِيحُ فِي النَّظَرِ عِنْدِي أَلَّا يَحْكُمَ بِنَسْخِ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا مَا قَامَ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ الَّذِي لَا مَدْفَعَ لَهُ وَلَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا نَاسِخَةً لِلْآيَةِ قَبْلَهَا لِأَنَّهَا يُحْتَمَلُ مَعْنَاهَا أَنْ يَكُونَ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِنْ حَكَمْتَ وَلَا تتبع أهواءهم فتكون الآيتان مستعملتين غير متدافعتين واختلف الفقهاء أيضا في اليهوديين الذميين إذا زَنَيَا هَلْ يَحُدَّانِ أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا زَنَى أَهْلُ الذِّمَّةِ أَوْ شَرِبُوا الْخَمْرَ فَلَا يَعْرِضُ لَهُمُ الْإِمَامُ إِلَّا أَنْ يُظْهِرُوا ذَلِكَ فِي دِيَارِ الْمُسْلِمِينَ وَيُدْخِلُوا عَلَيْهِمُ الضَّرَرَ فَيَمْنَعُهُمُ السُّلْطَانُ مِنِ الْإِضْرَارِ بِالْمُسْلِمِينَ قَالَ وَإِنَّمَا رَجَمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُودِيَّيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ ذِمَّةٌ وَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَحُدَّانِ إِذَا زَنَيَا كَحَدِّ الْمُسْلِمِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ إِنْ تَحَاكَمُوا إِلَيْنَا فَلَنَا أَنْ نَحْكُمَ أَوْ نَدَعَ فَإِنْ حَكَمْنَا حَدَدْنَا الْمُحْصَنُ بِالرَّجْمِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمَ يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا وَجَلَدْنَا الْبِكْرَ مِائَةً وَغَرَّبْنَاهُ عَامًا وَقَالَ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ لَا خِيَارَ لِلْإِمَامِ وَلَا لِلْحَاكِمِ إِذَا جَاءُوهُ فِي حَدٍّ لِلَّهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَهُ عَلَيْهِمْ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يُعْطُوا
الصفحة 392