كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 15)

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَغَيَّظَ رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لْيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرُ ثُمَّ إِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا طَاهِرًا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا فَذَلِكَ الطَّلَاقُ لِلْعِدَّةِ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ وَفِيهِ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ لَازِمٌ لِمَنْ أَوْقَعَهُ وَإِنْ كَانَ فَاعِلُهُ قَدْ فَعَلَ مَا كُرِهَ لَهُ إِذْ تَرَكَ وَجْهَ الطَّلَاقِ وَسُنَّتَهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ لَازِمٌ فِي الْحَيْضِ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ عُمَرَ بِمُرَاجَعَةِ امْرَأَتِهِ إِذْ طَلَّقَهَا حَائِضًا وَالْمُرَاجَعَةُ لَا تَكُونُ إلا بعد لزوم الطلاق ولم لَمْ يَكُنِ الطَّلَاقُ فِي الْحَيْضِ وَاقِعًا وَلَا لَازِمًا مَا قَالَ لَهُ رَاجِعْهَا لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُطَلِّقْ وَلَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا طَلَاقٌ لَا يُقَالُ فِيهِ رَاجِعْهَا لِأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يُقَالَ لِرَجُلٍ امْرَأَتُهُ فِي عِصْمَتِهِ لَمْ يُفَارِقْهَا رَاجِعْهَا أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْمُطَلَّقَاتِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ هَذَا فِي الزَّوْجَاتِ اللَّاتِي لَمْ يَلْحَقْهُنَّ الطَّلَاقُ وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَجُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ فِي الْحَيْضِ بِدْعَةٌ غَيْرُ سُنَّةٍ فَهُوَ لَازِمٌ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ وَلَا مُخَالِفَ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَهْلُ الْبِدَعِ

الصفحة 58