كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 16)
وَقَالُوا ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ إِنَّمَا هُوَ قَصْرُ الْمَأْمُومِ خَلْفَ إِمَامِهِ يُصَلِّي مَعَهُ بعضها بشرط الخوف ولا يقوم مَعَهُ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي مَعْنًى غَيْرِ مَعْنَى الْآيَةِ قَدْ أَفَادَ حُكْمًا زَائِدًا وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنْ جَابِرًا وَابْنَ عُمَرَ قَالَا لَيْسَ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ بِقَصْرٍ وَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ مَنْ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا كَمَنْ صَلَّى فِي الْحَضَرِ رَكْعَتَيْنِ فَهَذِهِ جُمْلَةُ مَا نَزَعَ بِهِ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْقَصْرَ فِي السَّفَرِ فَرْضٌ عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَقَالَ آخَرُونَ الْقَصْرُ فِي السَّفَرِ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ وَرُخْصَةٌ وَتَوْسِعَةٌ فَمَنْ شَاءَ قَصَرَ فِي السَّفَرِ وَمَنْ شَاءَ أَتَمَّ كَمَا أَنَّ الْمُسَافِرَ مُخَيَّرٌ إِنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا قَالُوا فَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَصْرَ لَيْسَ بِحَتْمٍ لِأَنَّ الْحَتْمَ لَا يُقَالُ فِيهِ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَفْعَلُوهُ قَالُوا كُلُّ مَا قِيلَ فِيهِ لَا جُنَاحَ فَإِنَّمَا هُوَ رُخْصَةٌ لَا حَتْمٌ مِثْلُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تبتغوا فضلا من ربكم ولا جناح عليكم إن طلقتم النساء ولا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ
الصفحة 298