كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 16)

مَا كَانَ لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَاتَّفَقَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ عَلَى كَرَاهَةِ قِصَاصِ الدَّنَانِيرِ مِنَ الدَّرَاهِمِ إذا كانت جَمِيعًا فِي الذِّمَمِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دَنَانِيرُ وَلَهُ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ فَأَرَادَا أَنْ يَجْعَلَا الدَّنَانِيرَ قِصَاصًا بِالدَّرَاهِمِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَكَذَلِكَ لَوْ تَسَلَّفَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ دِينَارًا وَتَسَلَّفَ الْآخَرُ مِنْهُ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يَكُونَ هَذَا بِهَذَا لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُمْ وَكَانَ عَلَى مَنْ تَسَلَّفَ الدِّينَارَ دِينَارٌ مِثْلُهُ وَعَلَى مَنْ تَسَلَّفَ الدَّرَاهِمَ دَرَاهِمُ مِثْلُهَا وَأَمَّا إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دِينَارٌ فَأَخَذَ مِنْهُ فِيهِ دَرَاهِمَ صَرْفًا نَاجِزًا كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا وَأَجَازَ أَبُو حَنِيفَةَ أَخْذَ الدَّنَانِيرِ عَنِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّرَاهِمِ عَنِ الدَّنَانِيرِ إِذَا تَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ آجِلًا وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَسْأَلْهُ عَنْ دَيْنِهِ أَحَالٌّ هُوَ أَمْ مُؤَجَّلٌ دَلَّ عَلَى اسْتِوَاءِ الْحَالِ عِنْدَهُ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا حَالَّيْنِ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَسْتَحِقَّ قَبْضَ الْآجِلِ إِلَّا إِلَى أَجَلِهِ صَارَ كَأَنَّهُ صَارِفُهُ إِلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَرَوَى الشَّيْبَانِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَرِهَ اقْتِضَاءَ الذَّهَبِ مِنَ الْوَرِقِ وَالْوَرِقِ مِنَ الذَّهَبِ وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلُهُ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ

الصفحة 9