كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 17)

اللَّهُ وَقَدْ ضَلَّتْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ فِي هَذَا الْبَابِ فَاحْتَجُّوا بِهَذِهِ الْآثَارِ وَمِثْلِهَا فِي تَكْفِيرِ الْمُذْنِبِينَ وَاحْتَجُّوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ بِآيَاتٍ لَيْسَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا مِثْلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ وَقَوْلِهِ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ وَقَوْلِهِ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ وَقَوْلِهِ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ وَقَوْلِهِ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا وَنَحْوِ هَذَا وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ قَالَ لَيْسَ بِكُفْرٍ يَنْقُلُ عَنِ الْمِلَّةِ وَلَكِنَّهُ كَفْرٌ دُونَ كُفْرٍ وَقَدْ أَوْضَحْنَا مَعْنَى الْكُفْرِ فِي اللُّغَةِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرَ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ لِمَنْ لم يتب لأن الشرك ممن تَابَ مِنْهُ قَبْلَ الْمَوْتِ وَانْتَهَى عَنْهُ غُفِرَ لَهُ كَمَا تُغْفَرُ الذُّنُوبُ كُلُّهَا بِالتَّوْبَةِ جَمِيعًا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ

الصفحة 16