كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 17)

مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ بِنْتِ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ رَجُلًا قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الشَّامِ وَقَالَ رَجُلٌ أَخَذَ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَنْتَظِرُ أَنْ يُغِيرَ أَوْ يُغَارَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ بَعْدَهُ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْحِجَازِ ثُمَّ قَالَ رَجُلٌ فِي غُنَيْمَةٍ يُقِيمُ الصَّلَاةَ وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ وَيُقِيمُ حَقَّ اللَّهِ فِي مَالِهِ قَدِ اعْتَزَلَ شُرُورَ النَّاسِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعْفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِنَّمَا جَاءَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ بِذِكْرِ الشِّعَابِ وَالْجِبَالِ وَاتِّبَاعِ الْغَنَمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَغْلَبُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَعْتَزِلُ فِيهَا النَّاسُ فَكُلُّ مَوْضِعٍ يَبْعُدُ عَنِ النَّاسِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى مِثْلَ اسْمِ الِاعْتِكَافِ فِي الْمَسَاجِدِ وَلُزُومِ السَّوَاحِلِ لِلرِّبَاطِ وَالذِّكْرِ وَلُزُومِ الْبُيُوتِ فِرَارًا عَنْ شُرُورِ النَّاسِ لِأَنَّ مَنْ نَأَى عَنْهُمْ سَلِمُوا مِنْهُ وَسَلِمَ مِنْهُمْ لِمَا فِي مُجَالَسَتِهِمْ وَمُخَالَطَتِهِمْ من الخوض في الغيبة واللغو وأنواع اللفظ وَبِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَالتَّوْفِيقُ لَا رَبَّ غَيْرُهُ

الصفحة 450