كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 18)
خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى بِمَعْنَى (أَرَادَ وَمَنْ خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (2)) فَأَمَّا قَوْلُهُ لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِهَذَا الطَّوَّافِ فَإِنَّهُ أَرَادَ لَيْسَ الْمِسْكِينُ حَقًّا عَلَى الْكَمَالِ وَهُوَ الَّذِي بَالَغَتْهُ الْمَسْكَنَةُ بِهَذَا الطَّوَّافِ لِأَنَّ هُنَاكَ مِسْكِينًا أَشَدُّ مَسْكَنَةً مِنَ الطَّوَّافِ وَهُوَ الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى وَلَا يَسْأَلُ وَلَا يُفْطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ هَذَا وَجْهُ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالطَّوَّافِ لَا وَجْهَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ الطَّوَّافَ مِسْكِينٌ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الْآثَارِ وَمَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُدُّوا الْمِسْكِينَ وَلَوْ بِظِلْفٍ مُحْرَقٍ هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنِ ابْنِ بُجَيْدٍ عَنْ جَدَّتِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلُ عَائِشَةُ إِنَّ الْمِسْكِينَ لَيَقِفُ عَلَى بَابِي الْحَدِيثَ فَقَدْ سَمَّتْهُ مِسْكِينًا وَهُوَ طَوَّافٌ عَلَى الْأَبْوَابِ وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الصَّدَقَاتِ للفقراء والمساكين
الصفحة 49