كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 19)

حَدِيثٌ سَادِسٌ وَأَرْبَعُونَ لِأَبِي الزِّنَادِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ لَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَتِ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ لَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْقَلِبَ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا الصَّلَاةُ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ لَا مَطْعَنَ لِأَحَدٍ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ وُجُوهٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فَضْلَ مُنْتَظَرِ الصَّلَاةِ كَفَضْلِ الْمُصَلِّي لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَتِ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ لَمْ يُرِدْ به أن ينتظر الصلاة قائم وَلَا أَنَّهُ رَاكِعٌ وَسَاجِدٌ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ فَضْلَ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ بِالْقَصْدِ إِلَى ذَلِكَ وَبِالنِّيَّةِ فِيهِ كَفَضْلِ الصَّلَاةِ وَأَنَّ مُنْتَظِرَهَا كَالْمُصَلِّي فِي الْفَضْلِ وَلِلَّهِ أَنْ يَتَفَضَّلَ بِمَا شَاءَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ فِيمَا شَاءَ مِنَ الْأَعْمَالِ لَا معقب لحكمه لا رَادَّ لِفَضْلِهِ وَمِنَ الْوَجْهِ الَّذِي عَرَفْنَا فَضْلَ الصَّلَاةِ فِيهِ عَرَفْنَا فَضْلَ انْتِظَارِهَا وَقَدْ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ فِي تِلَاوَتِهِ وَقِيَامِهِ وَرُكُوعِهِ أَتْعَبُ مِنَ الْمُنْتَظِرِ لِلصَّلَاةِ ذَاكِرًا كَانَ أَوْ سَاكِنًا وَلَكِنَّ الْفَضَائِلَ لَا تُدْرَكُ بِنَظَرٍ وَلَا مَدْخَلَ فِيهَا لِقِيَاسٍ وَلَوْ أُخِذَتْ قِيَاسًا لَكَانَ مَنْ نَوَى السَّيِّئَةَ كَمَنْ نَوَى الْحَسَنَةَ وَلَكِنَّ الله منعم

الصفحة 26