كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 20)
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ خَارِجٌ عَلَى أَصْلِ مَالِكٍ فِي أَنَّ الثُّلُثَ كَثِيرٌ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ مِنْ مَذْهَبِهِ وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْأَبْهَرِيُّ أَيْضًا لِأَنَّ الثُّلُثَ عِنْدَهُ فِي أَشْيَاءَ كَثِيرٍ وَفِي أَشْيَاءَ قَلِيلٍ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِهَا وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَالَ الْفَرْضُ مَسْحُ بَعْضِ الرَّأْسِ وَلَمْ يَحُدَّ وَهُوَ قَوْلُ الطَّبَرِيِّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُمَا إِنَّ مَسْحَ ثُلُثِ الرأس فصاعدا أَجْزَأُ قَالَ الشَّافِعِيُّ احْتَمَلَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وجل وامسحوا برؤوسكم مَسْحَ بَعْضِ الرَّأْسِ وَمَسْحَ جَمِيعِهِ فَدَلَّتِ السُّنَّةُ أَنَّ مَسْحَ بَعْضِهِ يُجْزِئُ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَإِنْ قِيلَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي التَّيَمُّمِ فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ أَيُجْزِئُ بَعْضُ الْوَجْهِ فِي التَّيَمُّمِ قِيلَ لَهُ مَسْحُ الْوَجْهِ فِي التَّيَمُّمِ بَدَلٌ مِنْ عُمُومِ غَسْلِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ بِالْمَسْحِ عَلَى جَمِيعِ مَوْضِعِ الْغَسْلِ فِيهِ وَمَسْحُ الرَّأْسِ أَصْلٌ فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا وَعَفَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي التَّيَمُّمِ عَنِ الرَّأْسِ وَالرِّجْلَيْنِ وَلَمْ يَعْفُ عَنِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْإِتْيَانِ بِذَلِكَ عَلَى كَمَالِهِ وَأَصْلِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِنْ مَسَحَ الْمُتَوَضِّئُ رُبُعَ رَأْسِهِ أَجْزَأَ وَيَبْدَأُ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ إِلَى مُؤَخَّرِهِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ دَاوُدَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ مَسْحُ الرَّأْسِ كُلِّهِ وَاجِبٌ فَرْضًا كَقَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ بَعْضُهُمُ الْمَسْحُ لَيْسَ شَأْنُهُ فِي اللِّسَانِ الِاسْتِيعَابَ وَالْبَعْضُ يُجْزِئُ وَقَالَ الثوري والأوزاعي والليث يجزئ مسح الرأس ويسمح الْمُقَدَّمُ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ جَمِيعِهِمْ أَنَّ مَسْحَ جَمِيعِ الرَّأْسِ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ وكان
الصفحة 127