كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 20)
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الصِّنْفَيْنِ تَبْلُغُ مَعَ الصِّنْفِ الْآخَرِ الْمِقْدَارَ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْهُ نَظَرَ مَا فِيهِ الْحَظُّ لِلْمَسَاكِينِ فَجَعَلَ الصِّنْفَيْنِ كَأَنَّهُمَا مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ (وَجَعَلَ فِيهِمَا جَمِيعًا زَكَاةَ ذَلِكَ الصِّنْفِ) وَإِنْ كَانَ فِي التَّقْوِيمِ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ زَكَاةُ قَوْمٍ بِالَّذِي يَجِبُ بِالتَّقْوِيمِ فِيهِ الزَّكَاةُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ مِثْلُ هَذَا أَيْضًا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ تُضَمُّ بِالْأَجْزَاءِ وَيُحْسَبُ الدِّينَارُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى مَا كَانَتْ فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ فَمَنْ كَانَتْ لَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَأَخْرَجَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِحِسَابِهِ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَمِنْ تَفْسِيرِ الضَّمِّ بِالْأَجْزَاءِ أَنْ تَكُونَ عِنْدَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الصِّنْفَيْنِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ نِصْفُ كُلِّ نِصْفٍ مِنْهُمَا أَوْ يَكُونَ عِنْدَهُ ثُلُثُ أَحَدِهِمَا وَمِنَ الْآخَرِ ثُلُثَاهُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فَإِنْ كانت الأجزاء على هذا المعنى غير مُتَكَامِلَةً فَلَا زَكَاةَ فَإِنْ تَكَامَلَتْ بِأَقَلِّ الْأَجْزَاءِ مِثْلَ أَنْ تَكُونَ عِنْدَهُ تِسْعُونَ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ وَدِينَارٌ أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا وَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَجَبَتْ فِيهِمَا جَمِيعًا الزَّكَاةُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَشَرِيكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَالطَّبَرَيُّ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ لَا يُضَمُّ شَيْءٌ مِنْهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ وَيَعْتَبِرُونَ تَمَامَ النِّصَابِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهُوَ قَوْلٌ صَحِيحٌ فِي النَّظَرِ وَمَعْنَى الْأَثَرِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا التَّمْرُ فَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَقْلِ الْآحَادِ الثِّقَاتِ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْ محمد بن عبد الله
الصفحة 151