كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 20)
بِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ أَوْ بِمَنْ لَهُ ذِمَّةٌ فَقَدْ ظَلَمَهُ وَالظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا ثَبَتَ في الأثر الصحيح وقد روى عبد الرواق عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا ضَرَرَ وَلَا ضرار وللرجال أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِ جَارِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ يُثْنِيَانِ عَلَى جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ وَيَصِفَانِهِ بِالْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَذُمُّهُ وَيَحْكِي عَنْهُ مِنْ سُوءِ مَذْهَبِهِ مَا يُسْقِطُ رِوَايَتَهُ وَاتَّبَعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَصْحَابُهُ ابْنُ مَعِينٍ وَعَلِيٌّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ فَلِهَذَا قُلْتُ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يَسْتَنِدُ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فَقِيلَ إِنَّهُمَا لَفْظَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ تَكَلَّمَ بِهِمَا جَمِيعًا عَلَى وَجْهِ التَّأْكِيدِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الضَّرَرُ عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ الِاسْمُ وَالضِّرَارُ الْفِعْلُ قَالَ ومعنى لا ضرر لايدخل عَلَى أَحَدٍ ضَرَرٌ لَمْ يُدْخِلْهُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَعْنَى لَا ضِرَارَ لَا يُضَارُّ أَحَدٌ بِأَحَدٍ هَذَا مَا حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ الخُشَنِيُّ الضَّرَرُ الَّذِي لَكَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَعَلَى جَارِكَ فِيهِ مَضَرَّةٌ وَالضِّرَارُ الَّذِي لَيْسَ لَكَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَعَلَى جَارِكَ فِيهِ الْمَضَرَّةُ وَهَذَا وَجْهٌ حَسَنُ الْمَعْنَى فِي الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
الصفحة 158