كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 20)
ذَلِكَ الْبَابِ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْمَعَانِي وَالِاعْتِلَالِ وَاقْتَصَرْنَا مِنَ الْقَوْلِ هَهُنَا عَلَى أَحْكَامِ الْعُيُوبِ فِي الضَّحَايَا لِيَقَعَ فِي كُلِّ بَابٍ مَا هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ مَعَانِيهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْعُيُوبُ الْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَمُجْتَمَعٌ عَلَيْهَا لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا دَاخِلٌ فِيهَا وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَتِ الْعِلَّةُ فِيهَا أَبَيْنَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَوْرَاءَ إِذَا لَمْ تَجُزْ فَالْعَمْيَاءُ أَحْرَى أَلَّا تَجُوزَ وَإِذَا لَمْ تَجُزِ الْعَرْجَاءُ فَالْمَقْطُوعَةُ الرِّجْلِ أَوِ الَّتِي لَا رِجْلَ لَهَا الْمُقْعَدَةُ أَحْرَى أَلَّا تَجُوزَ وَهَذَا كُلُّهُ وَاضِحٌ لَا خِلَافَ فِيهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرَضَ الْخَفِيفَ يجوز في الضحايا والعرج الخفف الَّذِي تَلْحَقُ بِهِ الشَّاةُ الْغَنَمَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْبَيِّنُ ظَلْعُهَا وَكَذَلِكَ النُّقْطَةُ فِي الْعَيْنِ إِذَا كَانَتْ يَسِيرَةً لِقَوْلِهِ الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا وَكَذَلِكَ الْمَهْزُولَةُ الَّتِي لَيْسَتْ بِغَايَةٍ فِي الْهُزَالِ لِقَوْلِهِ وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي يُرِيدُ الَّتِي لَا شَيْءَ فِيهَا مِنَ الشَّحْمِ وَالنَّقْيُ الشَّحْمُ وَقَدْ بَانَ فِي نسق ما أوردنا من الحاديث تَفْسِيرُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ الْبَيِّنُ هُزَالُهَا وَفِي لَفْظِ حَدِيثِ شُعْبَةَ وَالْكَسِيرُ الَّتِي لَا تُنْقِي وَمَعْنَى الْكَسِيرِ هِيَ التي لا تقوم ولا تنهض ومن الهزال من الْعُيُوبِ الَّتِي تُتَّقَى فِي الضَّحَايَا بِإِجْمَاعٍ قَطْعُ الْأُذُنِ أَوْ أَكْثَرِهِ وَالْعَيْبُ فِي الْأُذُنِ مُرَاعًى عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ فِي الضَّحَايَا وَاخْتَلَفُوا فِي السكاء وهو الَّتِي خُلِقَتْ بِلَا أُذُنٍ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهَا أُذُنٌ خِلْقَةً لَمْ تَجُزْ وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةَ الْأُذُنِ أَجْزَأَتْ وَرَوَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِثْلَ ذَلِكَ وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهَا إِذَا لم تكن لها أذن خلقة أجأزت فِي الضَّحِيَّةِ قَالَ وَالْعَمْيَاءُ خِلْقَةً لَا تَجُوزُ في الضحية
الصفحة 168