كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 20)
الْوَاحِدِ مِنْهُمَا أَنَّ الْحَقَّ فِي الْوَجْهِ الْآخَرِ وَأَنَّهُ مُسْتَغْنٍ عَنْ قِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّتِهِ بِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى بُطْلَانِ ضِدِّهِ وَقَدْ قَامَ الدَّلِيلُ مِنْ أَقْوَالِهِمْ أَنَّ الْقِرَاءَةَ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي رَكْعَتَيْنِ أَقَلُّ شَيْءٍ فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ وَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ أَنَّهُ أَرَادَ كُلَّ رَكْعَةٍ بِدَلِيلِ مَا وَصَفْنَا وَالرَّكْعَةُ تُسَمَّى صَلَاةً فِي اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ بِدَلِيلِ الْوِتْرِ بِرَكْعَةٍ مُنْفَصِلَةٍ عَمَّا قَبْلَهَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ اقرأوا يَقُولُ الْعَبْدُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَبَدَأَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَجَعَلَهَا آيَةً ثُمَّ الرحمان الرحيم آية ثم ملك يَوْمِ الدِّينِ آيَةٌ فَهَذِهِ ثَلَاثُ آيَاتٍ لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ جَعَلَهَا اللَّهُ لَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ثُمَّ الْآيَةُ الرَّابِعَةُ جَعَلَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِهِ ثُمَّ ثَلَاثُ آيَاتٍ لِعَبْدِهِ تَتِمَّةُ سَبْعِ آيَاتٍ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ آيَةٌ ثُمَّ الْآيَةُ السَّابِعَةُ إِلَى آخِرِهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ لِأَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ هَؤُلَاءِ لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سأل وهؤلاء إِشَارَةٌ إِلَى جَمَاعَةِ مَا يَعْقِلُ وَمَا لَا يَعْقِلُ وَأَقَلُّ الْجَمَاعَةِ ثَلَاثَةٌ فَعَلِمْنَا بِقَوْلِهِ هَؤُلَاءِ أَنَّهُ أَرَادَ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ وَالْآيَاتُ أَقَلُّهَا ثَلَاثٌ لأنه لو أراد آية واحدة لقال كهذه كَمَا قَالَ فِي قَوْلِهِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ هَذِهِ الْآيَةُ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلَوْ أَرَادَ آيَتَيْنِ لَقَالَ هَاتَانِ لِعَبْدِي فَلَمَّا قَالَ هَؤُلَاءِ لِعَبْدِي عَلِمْنَا أَنَّهُ عَنَى ثَلَاثَ آيَاتٍ وَإِذَا كَانَ مِنْ قَوْلِهِ اهْدِنَا إِلَى آخِرِ السُّورَةِ ثَلَاثُ آيَاتٍ كَانْتِ السَّبْعُ آيَاتٍ مِنْ قَوْلِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ إِلَى قَوْلِهِ وَلَا الضَّالِّينَ وَصَحَّ قِسْمَةُ السَّبْعِ الْآيَاتِ عَلَى السَّوَاءِ ثَلَاثٌ وَثَلَاثٌ وَآيَةٌ بَيْنَهُمَا أَلَا تَرَى إنه قال اقرأوا يَقُولُ الْعَبْدُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ يَقُولُ اللَّهُ حَمِدَنِي عَبْدِي فَهَذِهِ آيَةٌ يَقُولُ الْعَبْدُ الرحمان الرَّحِيمِ يَقُولُ اللَّهُ أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي فَهَذِهِ آيتان يقول العبد ملك يَوْمِ الدِّينِ يَقُولُ اللَّهُ
الصفحة 200