كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 20)
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْآثَارُ الْمَرْفُوعَةُ فِي الصَّفِيِّ مُتَعَارِضَةٌ وَلَيْسَ فِيهِ عَنِ الصَّحَابَةِ شَيْءٌ يَثْبُتُ وَأَمَّا سَهْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلِلْعُلَمَاءِ فِي سَهْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْخُمُسِ أَقْوَالٌ مِنْهَا أَنَّهُ يُرَدُّ إِلَى مَنْ سُمِّيَ فِي الْآيَةِ قَالَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَرَأَوْا أَنْ يُقْسَمَ الْخُمُسُ أَرْبَاعًا وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ إِلَى الْخَلِيفَةِ بَعْدَهُ يَصْرِفُهُ فِيمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْرِفُ فِيهِ وَقَالَ آخَرُونَ يُجْعَلُ فِي الْخَيْلِ وَالْعِدَّةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا قَتَادَةُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَضَعُ الْإِمَامُ سَهْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كُلِّ أَمْرٍ يَنْفَعُ الْإِسْلَامَ مِنْ سَدِّ ثَغْرٍ وَكُرَاعٍ وَسِلَاحٍ وَإِعْطَاءِ أَهْلِ الْعَنَاءِ وَالْبَلَاءِ فِي الْإِسْلَامِ وَالنَّفْلِ عِنْدَ الْحَرْبِ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ سَهْمُ الرَّسُولِ وَسَهْمُ ذِي الْقُرْبَى سَقَطَا بِمَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَيُقْسَمُ الْخُمُسُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ لِلْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَأَمَّا مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَالَ يُجْعَلُ الْخُمُسُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي قَسْمِهِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُسْقِطْ سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى وَقَالَ يُعْطِيهُمُ الْإِمَامُ وَيَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي قَسْمِ الْخُمُسِ فَعَلَى مَا أَصِفُ لَكَ قَالَ مَالِكٌ قِسْمَةُ الْخُمُسِ كَقِسْمَةِ الْفَيْءِ وَهُمَا جَمِيعًا يُجْعَلَانِ فِي بَيْتِ الْمَالِ قَالَ وَيُعْطَى أَقْرِبَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمَا عَلَى مَا يَرَى الْإِمَامُ قَالَ وَيَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ تَكَافَأَ أَهْلُ الْبُلْدَانِ فِي الْحَاجَةِ بَدَأَ بِالَّذِي الْمَالُ فِيهِمْ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْبُلْدَانِ أَشَدَّ حَاجَةً نُقِلَ إِلَيْهِمْ أَكْثَرَ الْمَالِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَانَ مَالِكٌ يَرَى التَّفْضِيلَ فِي الْعَطَاءِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَلَا يَخْرُجُ مَالٌ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدِ غَيْرِهِ حَتَّى يُعْطَى أَهْلُ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمَالُ مَا يُغْنِيهِمْ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَالِاجْتِهَادِ قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ يُجِيزَ الْوَالِي عَلَى وَجْهِ الدَّيْنِ أَوِ الْأَمْرِ يَرَاهُ قَدِ اسْتَحَقَّ بِهِ الْجَائِزَةَ قَالَ وَالْفَيْءُ حَلَّالٌ لِلْأَغْنِيَاءِ
الصفحة 45
320