كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 20)
حَدِيثُ أَبِي لُبَابَةَ هَذَا وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ لَا يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ إِلَّا عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي لُبَابَةَ وَهُوَ حَدِيثٌ متصل صحيح وأماسائر الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَذَكَرَ أَبُو عبد الله المروزي وغيره عن الحرث الْعُكْلِيِّ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى فِيمَنْ حَلَفَ بِمَالِهِ فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ كَفَّارَةٍ وَلَا غَيْرِهَا ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْيَمِينَ لَا تَكُونُ إِلَّا بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لاتحلفوا إِلَّا بِاللَّهِ قَالُوا فَمَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَهُوَ عَاصٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ قَصْدَ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالصَّدَقَةِ وَلَا نَذَرَ ذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْيَمِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مذهب عبد الرحمان بْنُ كَيْسَانَ الْأَصَمِّ وَجَمَاعَةٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ الله المروزي ويروى عن عمر ابن الْخَطَّابِ وَعَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَحَفْصَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهُمْ قَالُوا مَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ ثُمَّ حَنِثَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَذَكَرَ الْمَرْوَزِيُّ عَنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ أَنَّهُمْ قَالُوا يَتَصَدَّقُ مِنْ مَالِهِ بِمَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْمَوَاشِي وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ مِنَ الْعَقَارِ والمتاع وسائر الأموال غير مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الْعَيْنِ وَالْحَرْثِ والمواشي
الصفحة 87