كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 21)

حَدِيثٌ رَابِعَ عَشَرَ لِأَبِي النَّضْرِ مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ الله أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِشُهَدَاءِ أُحُدٍ هَؤُلَاءِ أَشْهَدُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَلَسْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ بِإِخْوَانِهِمْ أَسْلَمْنَا كَمَا أَسْلَمُوا وَجَاهَدَنَا كَمَا جَاهَدُوا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلَى وَلَكِنْ لَا أَدْرِي مَا تُحْدِثُونَ بَعْدِي قَالَ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ أَئِنَّا لَكَائِنُونَ بَعْدَكَ هَذَا الْحَدِيثُ مُرْسَلٌ هَكَذَا مُنْقَطِعٌ عِنْدَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ لِلْمُوَطَّأِ وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ يَسْتَنِدُ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ كَثِيرَةٍ وَمَعْنَى قَوْلِهِ أَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَيْ أَشْهَدُ لَهُمْ بِالْإِيمَانِ الصَّحِيحِ وَالسَّلَامَةِ مِنَ الذُّنُوبِ الْمُوبِقَاتِ وَمِنَ التَّبْدِيلِ وَالتَّغْيِيرِ وَالْمُنَافَسَةِ فِي الدُّنْيَا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ شُهَدَاءَ أُحُدٍ وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَهُ أَفْضَلُ مِنَ الَّذِينَ تُخْلِفُهُمْ بَعْدَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا عِنْدِي فِي الْجُمْلَةِ الْمُحْتَمِلَةِ لِلتَّخْصِيصِ لِأَنَّ مِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ أَصَابَ مِنَ الدُّنْيَا بَعْدَهُ وَأَصَابَتْ مِنْهُ وَأَمَّا الْخُصُوصُ وَالتَّعْيِينُ فَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ وَأَمَّا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ تَخَلَّفَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ فَأَفْضَلُهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَلَى هَذَا جَمَاعَةُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا مَنْ شَذَّ وَقَدْ قَالَتْ طَائِفَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ أَفْضَلَ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ لَمْ يَسْتَثْنُوا مَنْ مَاتَ قَبْلَهُ مِمَّنْ مَاتَ بَعْدَهُ

الصفحة 228