كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 23)

أَنْ تَرَى عَائِشَةُ نَفْسَهَا فِي رَأْيِهَا حُجَّةً عَلَى غَيْرِهَا مِنَ الصَّحَابَةِ فِي حِينِ اخْتِلَافِهِمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ النَّازِلَةِ بَيْنَهُمْ وَمُحَالٌ أَنْ يُسَلِّمَ أَبُو مُوسَى لِعَائِشَةَ قَوْلَهَا مِنْ رَأْيِهَا فِي مَسْأَلَةٍ قَدْ خَالَفَهَا فِيهَا مِنَ الصَّحَابَةِ غَيْرُهَا بِرَأْيِهِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى صَاحِبِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ لِأَنَّهُمْ أُمِرُوا إِذَا تَنَازَعُوا فِي شَيْءٍ أَنْ يَرُدُّوهُ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ تسليم أبي موسى لعائشة في هذه المسألة إِنَّمَا كَانَ مِنْ أَجْلِ أَنْ عِلْمَ ذَلِكَ كان عندها عن رسول الله فَلِذَلِكَ سَلَّمَ لَهَا إِذْ هِيَ أَوْلَى بِعِلْمِ مِثْلِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهَا وَمَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ جِهَةِ الِاسْتِدْلَالِ فَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عن عائشة عن النبي مُسْنَدًا وَرُوِيَ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ دَخَلَ مَعَ أَبِي مُوسَى عَلَى عَائِشَةَ فِي هَذِهِ القصة فبان بِذَلِكَ حَقِيقَةُ قَوْلِنَا وَصِحَّةُ اسْتِدْلَالِنَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ وَأَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَرْثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ نَازَعَ أَبُو مُوسَى نَاسًا مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالُوا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ قَالَ سَعِيدٌ فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو مُوسَى حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَ لَهَا أَبُو مُوسَى الَّذِي تَنَازَعُوا فِيهِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ عِنْدِي الشِّفَاءُ مِنْ ذلك

الصفحة 101