كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 23)

انْصِرَافِهِ وَذَبْحِهِ وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الْإِمَامِ فَلَا ضَحِيَّةَ لَهُ وَأُحِبُّ لَهُ أَنْ يُضَحِّيَ بِغَيْرِهَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا ضَحِيَّةَ لَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَمِثْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا كُلِّهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِذَا انْصَرَفَ الْإِمَامُ فَاذْبَحْ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ
وَقَالَ إِسْحَاقُ إِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنَ الْخُطْبَةِ فَاذْبَحْ وَاعْتَبَرَ الطَّبَرِيُّ قَدْرَ مضي وقت صلاة النبي وَخَطْبَتِهِ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ وَحَكَى الْمُزَنِيُّ نَحْوَهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ العلماء مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ أَنَّهُ غَيْرُ مُضَحٍّ وَكَذَلِكَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ الْجَذَعَ مِنَ الْمَعِزِ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُضَحَّى بِهِ غَيْرَ الضَّأْنِ لَا يَجُوزُ وَإِنَّمَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ الثَّنِيُّ فَصَاعِدًا وَيَجُوزُ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ بِالسُّنَّةِ الْمَسْنُونَةِ وَالَّذِي يُضَحَّى بِهِ بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْأَزْوَاجُ الثَّمَانِيَةُ وَهِيَ الضَّأْنُ وَالْمَعِزُ وَالْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْأَفْضَلِ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ سَمَيٍّ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ
وَأَمَّا حَدِيثُ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عن النبي أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الْجَذَعَ يُوفِي مِمَّا يُوفِي مِنْهُ الثَّنِيُّ فَهَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي الضَّأْنِ بِدَلِيلِ حَدِيثِ الْبَرَاءِ وَغَيْرِهِ فِي قِصَّةِ أَبِي بردة بن نيار أن رسول الله قَالَ لَهُ فِي الْعَنَاقِ وَهِيَ مِنَ الْمَعِزِ أنها لن تجزىء عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ
وَأَمَّا الْأُضْحِيَّةُ بِالْجَذَعِ مِنَ الضَّأْنِ فَمُجْتَمَعٌ عَلَيْهَا عِنْدَ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ

الصفحة 188