كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 23)
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هِيَ سُنَّةٌ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ وَعَلَى الْحَاجِّ بِمِنَى أَيْضًا وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ
وَقَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ فِي هَذَا كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَكَانَ رَبِيعَةُ وَاللَّيْثُ يَقُولَانِ لَا نَرَى أَنْ يَتْرُكَ الْمُسْلِمُ الْمُوسِرُ الْمَالِكُ لِأَمْرِهِ الضَّحِيَّةَ
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءٍ وَعَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُوجِبُونَهَا وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ الصَّدَقَةَ أَفْضَلُ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِثْلُهُ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّ الضَّحِيَّةَ أَفْضَلُ وَالصَّحِيحُ عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ فِي مَذْهَبِهِ أَنَّ الضَّحِيَّةَ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ إِلَّا بِمِنًى فَإِنَّ الصَّدَقَةَ بِثَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ بِمِنًى أَفْضَلُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْضِعِ أُضْحِيَّةٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الصَّدَقَةَ بِثَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ بِمِنًى أَفْضَلُ
وَقَالَ رَبِيعَةُ وَأَبُو الزِّنَادِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ الضَّحِيَّةُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ الصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الضَّحِيَّةُ عِنْدَنَا أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ لِأَنَّ الضَّحِيَّةَ سُنَّةٌ وَكِيدَةٌ كَصَلَاةِ الْعِيدِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ النَّوَافِلِ وَكَذَلِكَ صَلَوَاتُ السُّنَنِ أَفْضَلُ مِنَ التَّطَوُّعِ كُلِّهِ
وَقَدْ رُوِيَ فِي فَضْلِ الضَّحَايَا آثَارٌ حِسَانٌ فَمِنْهَا مَا رَوَاهُ سعيد بن داود بن أبي الزبير عَنْ مَالِكٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله مَا مِنْ نَفَقَةٍ بَعْدَ صِلَةِ الرَّحِمِ أَعْظَمُ
الصفحة 192