كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 23)
لِلْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهَا أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فَرْضًا وَكَانُوا أَئِمَّةً يَقْتَدِي بِهِمْ مَنْ بَعْدَهُمْ مِمَّنْ يَنْظُرُ فِي دينه إليهم لأنهم الواسطة بين النبي وَبَيْنَ أُمَّتِهِ فَسَاغَ لَهُمْ مِنَ الِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ مَا لَا يَسُوغُ الْيَوْمَ لِغَيْرِهِمْ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الضَّحِيَّةَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لأن رسول الله فَعَلَهَا وَوَاظَبَ عَلَيْهَا أَوْ نَدَبَ أُمَّتَهُ إِلَيْهَا وَحَسْبُكَ أَنَّ مِنْ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَرَاهَا فرضا لأمر رسول الله الْمُضَحِّيَ قَبْلَ وَقْتِهَا بِإِعَادَتِهَا وَقَدْ بَيَّنَّا مَا فِي ذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَأَمَّا وَقْتُ الْأَضْحَى فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ يَوْمَ النَّحْرِ يَوْمُ أَضْحَى وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وجل ليذكروا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ (22 28) إِنَّمَا قُصِدَ بِهِ أَيَّامُ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ
وَاخْتَلَفُوا فِي تَعْيِينِهَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ هِيَ أَيَّامُ الْعَشْرِ وَرُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَالطَّبَرِيُّ وَفِرْقَةٌ وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا بِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ اللَّهِ مِنْ قَوْلِهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ بَعْضَ تِلْكَ الْأَيَّامِ وَهُوَ يَوْمُ النَّحْرِ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ يُرِيدُ بَعْضَ الْأَشْهُرِ وَأَقَلُّهَا كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا (71 16) وليس القمر في السبع السموات وَإِنَّمَا هُوَ فِي بَعْضِهِنَّ
الصفحة 195