كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 24)
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِيمَا سَقَتِ السماء والأنهار والعيون العشر وما سقي النضح نِصْفُ الْعُشْرِ فَمَعْنَاهُ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْعِرَاقِ إِذَا بَلَغَ الْمِقْدَارُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَكَانَ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ وَنِصْفُ الْعُشْرِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَرِدَ هَذَا فِي حَدِيثَيْنِ أَوْ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْمَذْهَبِ مَعَ اسْتِفَاضَةٍ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلَا مِنَ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ أَنَّهُ أَخَذَ الصَّدَقَةَ مِنَ الْخُضَرِ وَالْبُقُولِ وَكَانَتْ عِنْدَهُمْ مَوْجُودَةً فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ كَمَا عُفِيَ عَنِ الدُّورِ وَالدَّوَابِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَفْوُ وَالْوُجُوبُ طَارٌّ عَلَيْهِ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عن عاصم ابن ضُمَيْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ لَيْسَ فِي الْخُضَرِ صَدَقَةٌ
وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ لَيْسَ فِي الْخُضَرِ زَكَاةٌ
قال منصور فذكرت ذلك لإبرهيم فَقَالَ صَدَقَ
وَقَالَ مُوسَى بْنُ طَلْحَةَ لَمْ يَأْخُذْ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ مِنَ الْخُضَرِ شَيْئًا وَقَالَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ فِي الْخُضَرِ زَكَاةٌ
وَمِمَّا يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ مَذْهَبُ مَنْ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي الْخُضَرِ أَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا تَجِبُ فِي الْعَيْنِ الْمُزَكَّاةِ بِجُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا وَأَكْثَرُ
الصفحة 168