كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 24)

قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ مَنْ أَقَامَ مَثْنَى مَثْنَى لَمْ أُعَنِّفْهُ وَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ حَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ صَحِيحٌ قَالَ أَمَّا أَنَا فَلَا أَدْفَعُهُ قِيلَ لَهُ أَفَلَيْسَ حَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ بَعْدَ حَدِيثِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ لِأَنَّ حَدِيثَ أَبِي مَحْذُورَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ فَقَالَ أليس قد رجع النبي إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَقَرَّ بِلَالًا عَلَى أَذَانِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ بِكُلِّ مَا قَالُوا قَدْ رُوِيَتِ الْآثَارُ عَنِ النَّبِيِّ ولكني كرهت ذكرها خشية الإملاك وَالْإِطَالَةِ وَلِشُهْرَتِهَا فِي كُتُبِ الْمُصَنِّفِينَ كَسَّلْتُ عَنْ إِيرَادِهَا مَعَ طُولِهَا وَقَدْ جِئْتُ بِمَعَانِيهَا وَمَذَاهِبِ الْفُقَهَاءِ فِيهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
وَذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَالطَّبَرِيُّ وَدَاوُدُ إِلَى إِجَازَةِ الْقَوْلِ بِكُلِّ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ الله فِي ذَلِكَ وَحَمَلُوا ذَلِكَ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَالتَّخْيِيرِ قَالُوا كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ جميع ذلك عن النبي وَعَمِلَ بِهِ أَصْحَابُهُ بَعْدَهُ فَمَنْ شَاءَ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ فِي أَوَّلِ أَذَانِهِ مَرَّتَيْنِ وَمَنْ شَاءَ أَرْبَعًا وَمَنْ شَاءَ رَجَّعَ فِي أَذَانِهِ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يُرَجِّعْ وَمَنْ شَاءَ ثَنَّى الْإِقَامَةَ وَمَنْ شَاءَ أَفْرَدَهَا إِلَّا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ فِي أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ عَلَى كُلِّ حَالٍ
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُؤَذِّنِ يُؤَذِّنُ فَيُقِيمُ غَيْرُهُ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا إِلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ لِحَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله ابن زيد عن أبيه أن رسول الله أَمَرَهُ إِذْ رَأَى النِّدَاءَ فِي النَّوْمِ

الصفحة 31