كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 24)

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا أَوْكَدُ مِنَ الْوَتْرِ لِأَنَّ الْوَتْرَ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ فَإِنَّمَا هُوَ وَتْرُ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَصَلَاةُ الليل نافة بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ (17 79) فَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ تَعَاهُدًا وَمُوَاظَبَةً وَإِسْرَاعًا إِلَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ مِنْهُ إِلَى سَائِرِ النَّوَافِلِ دَلَّ عَلَى تَأْكِيدِهَا وَإِنَّمَا تُعْرَفُ مُؤَكَّدَاتُ السُّنَنِ بِمُوَاظَبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا لِأَنَّ أَفْعَالَهُ كُلَّهَا سُنَنٌ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَلَكِنَّ بَعْضَهَا أَوْكَدُ مِنْ بَعْضٍ وَلَا يُوقَفُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا بِمَا وَاظَبَ عَلَيْهِ وَنَدَبَ إِلَيْهِ مِنْهَا وبالله التوفيق
ومما قَالَ إِنَّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ مَالِكٌ فِيمَا رَوَى عَنْهُ أَشْهَبُ وَعَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ وَدَاوُدَ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأَثَرِ فِيمَا عَلِمْتُ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ عَلَى تَأْكِيدِهَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا حِينَ نَامَ عَلَى صَلَاةِ الفجر ولم يقص شَيْئًا مِنَ السُّنَنِ غَيْرَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ وَقْتِهَا
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ سعد ابن هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا

الصفحة 45