كتاب تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد

خَالف فِي ذَلِك أَو بعضه كالظاهرية والشيعة فخلافهم غير مُعْتَد بِهِ وَلَا عِبْرَة بِمَا ذهب إِلَيْهِ بعض الْمُتَأَخِّرين فِي ذَلِك لانعقاد الْإِجْمَاع على خِلَافه قبله
وَلَا يُقَال هَذِه الصُّور كلهَا النَّهْي عَنْهَا لغَيْرهَا فَلَا يرد على إِطْلَاق ابْن الْحَاجِب لِأَنَّهُ صدر المسالة بِالنَّهْي عَن الشَّيْء لعَينه لأَنا نقُول هَذَا صَحِيح فِي وَطْء الْحَائِض وَالطَّلَاق فِي حَالَة الْحيض وَفِي طهر جَامعهَا فِيهِ وَعتق الْمَرْهُون ووطئه لِأَن الْمَنْع فِيهَا كلهَا لأمر خارجي وَلَا يتم ذَلِك فِي إرْسَال الطَّلَاق الثَّلَاث وَوَطْء الصَّائِم وَالْمحرم فَإِنَّهُ مَمْنُوع مِنْهُ لوصفه اللَّازِم لَا لأمر خارجي وَابْن الْحَاجِب رَحمَه الله اخْتَار فِي المسالة الثَّانِيَة أَن النَّهْي عَن الشَّيْء لوصفه كالنهي عَنهُ لعَينه فِي اقْتِضَاء الْفساد وَلَا يَقُول بِالْفَسَادِ فِي هَذِه الصُّور فَترد على إِطْلَاقه بل نقُول أَيْضا أَنه قد تقدم أَن مَذْهَب أَحْمد بن حَنْبَل وَكثير من أَصْحَابه أَن النَّهْي عَن الشَّيْء لغيره يَقْتَضِي الْفساد كالنهي عَنهُ لعَينه وَلم يَقُولُوا بذلك إِلَّا فِي الْعِبَادَات والعقود خَاصَّة كَبيع الْحَاضِر للبادي وتلقى الركْبَان وَالصَّلَاة فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة وَنَحْو ذَلِك
فَأَما هَذِه الصُّور الْمُتَقَدّمَة فَلم يَقُولُوا بِهِ فِيهَا بل الْكل متفقون على نفوذها على الْوَجْه الْمُتَقَدّم وَإِن كَانَت مَنْهِيّا عَنْهَا
السَّابِع أطلق جُمْهُور المصنفين تَصْوِير الْمَسْأَلَة كَمَا تقدم النَّقْل عَنْهُم من غير تَقْيِيد وَالْحق أَن مَحل الْخلاف إِنَّمَا هُوَ فِي مُطلق النَّهْي كَمَا قيد بِهِ كَلَامه بعض الْمُتَأَخِّرين من أهل التَّحْقِيق
فَأَما النَّهْي الَّذِي اقْترن بِقَرِينَة تدل على بُطْلَانه أَو بِقَرِينَة تدل على

الصفحة 103